ديداكتيك المسرح المدرسي

تقديم:

يتعلق المسرح المدرسي بمجالين مترابطين هما، المسرح و المدرسة ، و هو بذلك مصطلح مركب تركيبا إضافيا فالمسرح يعني الفن و المدرسة تعني التربية الشيء الذي يجعل معناه أيضا بفن التربية أو الفن التربوي أو المسرح التربوي و هذا أشمل من مجرد قولنا المسرح المدرسي لأن المدرسة تعبر عن الوظيفة و الموقع فهي تؤشر عن بعدها المؤسسي في حين التربية بشكل عام أوسع تعبر عن الوظيفة القابلة للأجرأة و الإنجاز ووضوح الأهداف المتوخى تحقيقها، وسوف أتطرق في هذا العرض لدراسة حول ديداكتيك المسرح المدرسي. فما هو مفهوم المسرح المدرسي؟ و ما علاقته بالتربية و التعليم؟ و ما هي أهدافه ؟و ما هي الديداكتيك الخاصة بالمسرح المدرسي ؟

تعريف المسرح المدرسي:

- تعريف المسرح المدرسي عند " منظمة مسرح الطفل الأمريكي":تقول "جيرالدين سيكس" في تعريف هذه المنظمة لمفهوم المسرح المدرسي : المسرح المدرسي شكل درامي إرتجالي لا يهدف إلى الاستعراض ، يؤديه الأطفال تحت إشراف المدرس.و هو نشاط يقوم به المدرس بمساعدة التلاميذ في الكشف عن المواقف و التعبير عن أفكارهم و مشاعرهم من خلال التمثيل.و فيه يقوم التلاميذ لارتجال الحدث و الحوار المناسب للقضية المثارة أو التي يراد اكتشاف مدلولاتها ، و ذلك باستعمال عناصر الدراما لإعطائها شكلا و معنى و الهدف الرئيسي من المسرح المدرسي تنمية الشخصية و تسهيل التعلم للمشاركين و ليس الهدف منه إعداد ممثلين محتلافين.و قد أضافت سيكس بقولها أنه نشاط تربوي بحيث يتضمن نوعين من الأنشطة همامسرح الأطفال و النشاط التمثيلي ، أما مسرح الأطفال فإنه يتأسس على المفهوم التقليدي و له علاقة بالمسرحية المنتجة للأطفال ، أما الأنشطة التمثيلية فلها علاقة بعمليات تشجيع الأطفال على ابتكار دراما غير رسمية بواسطة المرشد المؤثر و قد علرفه "الدكتور إبراهيم حمادة" بقوله إن المسرح المدرسي هو الفرقة أو الهواةالتي تشرف عليهم المدرسة أو مؤسسة تربوية بهدف التسلية و التثقيف و التدريب على ممارسة فنون المسرح بأنفسهم .- التعريف الوطني للمسرح المدرسي :المسرح المدرسي هو مسرح تربوي تعليمي تعلمي باعتباره مكونا من مكونات وحدة التربية الفنية الجمالية و التفتح التكنولوجي ، و نشاطا تعاونيا الشيء الذي لا يجعله بالضرورة مناسباتيا، بل يمكن الاستفادة منه في المناسبات المدرسية و الوطنية و غيرها.2- مفاهيم مرتبطة بالمسرح المدرسي:هناك مفاهيم ترتبط بمفهوم المسرح المدرسي ارتباطا عضويا من حيث أنها تؤدي الوظيفة الفعلية أثناء ممارسة هذا النشاط ، و من هذه المفاهيم نجد مفهوم اللعب و مفهوم التمثيل أو التشخيص.فاللعب هو نشاط جسدي و عقلي ينطوي على هدف رئيسي و هو المتعة و اللذة الناتجة عن ذلك النشاط ، و يمكن توظيف اللعب كمتعة بهدف معرفي بحيث يصبح اللعب وسيلة تربوية و تعليمية لأن الأساس في دراما الأطفال هو اللعب و اللعب نوعان إسقاطي وشخصي .فاللعب الإسقاطي يستخدم الطفل عقله دون استخدام الجسم و الطفل في هذا اللعب يميل على الهدوء مع ثبات الجسد. و أما النوع الثاني فهو اللعب الشخصي و هو الذي ينهمك الطفل فيه بعقله و جسمه و يعتمد هذا اللعب على الحركة كما يستعمل صوته و لهذين النوعين من اللعب تأثير كبير على بناء شخصية الطفل المتكاملة.و أما فت التمثيل هو عملية تقليد لشكل ثايت أو متحرك و بذلك يكون تعبيرا بالجسد و الحركة و الإيماءة عن الحالة النفسية لشخص معين و يقوم فن التمثيل على عنصرين أساسيين هما:- تصوير شخصية الدور و الإمتلاء بها و العيش فيها.- التعبير عما يقدم ووسيلة فن الإلقاء بين الكلام و الإيماء و الحركة .و فن التمثيل أو فن التشخيص أنواعمنها:التمثيل الصامت و هو ما يسمى البانتوميم و هو التعبير عن الفكرة بالحركة دون الصوت.و هناك التمثيل الفردي و يطلق عليه أيضاالمونودراما.و هناك التمثيل مع القراءة و هو الذي يحصل فيه كل ممثل على ورقة مكتوب عليها دوره و يسمى أيضا بالتمثيل الإذاعيأو دراما السماع و هو من أسهل أنواع التمثيل.و هناك التمثيل الإرتجالي و هو الذي يؤدى دون إعداد أو تحضير .و هناك التكثيل العادي و هو يحتاج إلى نوع من التحضير و التهيأ على المسرح و فيه قراءة النص الأولية ثم القراءة المعروفة بالقراءة الإيطالية حيث تركز على الإلقاء و التعرف على الحوار و المقاطع و غيرها من التقنيات.

1- علاقة التربية بالفن:

تعتبر العملية التربوية الوسيلة الأنجع لإحداث تغييرات في شخصية المتعلمين باعتبار حاجاتهم النفسية و الذهنية و لتحقيق هذا فقد عمدت جل الدول إلى تعديل أنظمتها التعليمية بما فيها التقنيات البيداغوجية و المناهج الدراسية فأدخلت معينات تقنية جديدة كالسنيما و التلفيزيون و الكومبيوتر و المسرح و غيرها...

و هذه الأنشطة الفنية التي يمارسها التلميذ اها تأثير جلي على بناء شخصيته المتوازن عقليا و جسديا ، حيث يشير هربرت ريدherbart red، على أن النشاط الجماعي هو العملية العضوية الخاصة بالتكامل الفيزيائي و العقلي و بالتالي يجب إدخال النشاطات الفنية و الجمالية في أغلب المناهج الدراسية و قد أوضح ريد تجليات تقنية التربية الجمالية في العناصر الآتية :
*التربية البصرية عير العين.
*التربية التشكيلية عبر اللمس.
*التربية الموسيقية من خلال الأذن – الموسيقى – الحركة الإيقاعية.
*التربية الحركية عبر العضلات و الرقص الإيقاعي .
* التربية اللفظية عبر الكلام و الشعر و الدراما المسرح.
* التربية الإنشائية عبر الفكر.
و يمكن إجمال أنشطة التربية الجمالية في
أ- نشاط التعبير الذاتي : أي حاجة الطفل إلى توصيل أفكاره و انفعالاته إلى الغير
ب- نشاط الملاحظة و المشاهدة و هو رغبة الطفل في تسجيل انطباعات حواسه.
ج- نشاط التذوق و هو استجابة الفرد لطرائق التعبير التي يوجهها غغليه غيره
و بهذا يمكن القول أن تربية الطفل تكون تربية غير متكاملة إن لم تكن الفنون جزءا لا يتجزأ من عملية التعليم و التعلم اليومي لأن الفن بمقدوره أن يحدث تغييرا في الوسط المدرسي و يؤيد هذا الطرح " جان روميد"romed، الذي ينادي بدعم وجود الفنون في العملية التربوية عامةو التعليمية التعلمية خاصة حيث يقول : "تشكل الفنون وسطا للتعبير الفردي و هي حاجة ماسة يتم التمرس عليها من قبل الأطفال و البالغين على حد سواء ، كما أنها تعود على التركيز و الانتباه و القدرة على الملاحظة الشخصية و الإدراك الذاتي لما تتميز به من مميزات فهي تجمع بين عناصر الصوت و الحركة و اللون و الكتلة و الطاقة و المساحة الفارغة و الشكل و اللغة .و قد نادى كثيرون بضرورة إذماج الفنون في العملية التربوية بدءا من مرحلة التعليم الأولي مرورا بالتعليم الأساسي إلى الثانوي فالجامعي.2- علاقة المسرح بالتربية:إن خصوصية المسرح كفن تطرح علاقة نوعية جديدة بينه و بين التربية و يشير في صدد هذه العلاقة الأستاذروجي ديلديمإلى أن المربي و الفنان يعملان معا في نفس الإطار بالرغم من أنهما لايسلكان نفس الطريقة فعند تقابلهما يكتشفان أن لهما نفس الرغبة في تحصيل المعرفة.إن النشاط المسرحي استراتيجية وساطة بين المسرح و التلاميذ و بذلك فإن المسرح و المدرسة عنصران يكمل أحدهما الآخر فهما يسعيان لخدمة التلاميذ و إفادتهم و في رأي الباحث"برادي bradi" حول العلاقة بين المسرح و المدرسة نجدهيقول : " إن المدرسة مؤسسة تعمل على جمع و إبراز القيم المتناقضة في المجتمع ، و المسرح هو مجموعة صغرى لسلوك الإنسان المنظم على شكل مسرحي ن و هو بذلك يعد فنا من فنون الحياة."فالإنسان في رأيه الكائن الوحيد بين الكائنات الحية الذي يستطيع القيام بعروض مسرحية و ذلك بفضل قدراته الذهنية و الجسمانية و العاطفية.
إن ممارسة الأنشطة المسرحية بالنسبة للأطفال تتيح لهم أن يكيفوا أنفسهم تكييفا مألوفا مع النماذج السلوكية التي يستخدمونها و يجربونها في واقع حياتهم لأن هذه الأنشطة هي أنشطة درامية ، تشتمل على المحاكاة و التقليد فلأوضاع الحياة الواقعية و النماذج السلوكية.و يعتبر البريطاني "كولدويل كوك"من أوائل من تحدث عن دور الدراما في التدريس سنة 1941 لأنها تعطي للتلميذ فرصة للمشاركة و تزويد قدرته على عنصر اللعب و قد وظف كوك المسرح في تدريسه لشكسبير و أصبحت الدراما لديه تعني المعايشة و التجربة أي أنه استعمل المسرح وسيلة تساعد المتعلم على استيعاب المادة الدراسية و الاستمتاع بها.و مع هذا الاهتمام بدور المسرح المدرسي في عملية التدريس و تحقيق بعض العلاجات النفسية و العاهات نجد من نادى باعتماد المسرح وسيلة علاجية لمشاكل النطق و تدريب الذين يعانون من مشاكل حركية و في هذا الصدد يذكر"وانفرد واردر"تجربة التلاميذ الذين قاموا تحت إشراف معلمتهم في النشاط التمثيلي أثناء قيامهم بعرض مسرحي عن منطقة إفريقيا حيث قاموا بهذا العرض بناء على ما تجمع لديهم من كتب و معاينة لرقصات إفريقية.
و من هذا المنطلق يمكن أن نستنتج أن استخدام المسرح كوسيلة في التعليم يمكن من الوصول:
- إلى جعل المادة ممتعة و مشوقة و مناسبة لمدارك الأطفال و قدراتهم.
- أن يشكل المسرح المدرسي طريقة سهلة لعرض المواد الدراسية .
- تطوير قدرات الأطفال الموجهة إلى الجمهور.
- اكتشاف قدرات الأطفال المختلفة و تنمية الإبداع فيهم.
- خلق جو التعاون بين الأطفال.و قد ذهب "بيتر سليد" و هو من رواد الدراما الإبداعيةللأطفال في انجلترا إلى أبعد من هذا و ذلك عندما سئل فأجاب مؤكدا أنه لم يجد مادة من المواد لا يمكن توظيف الدراما في تلقينها بشرط أن يتم إتقان ذلك ، و التدريب عليه ما دامت الدراما الإبداعية تقوم على اللعب حيث تحقق ساعات اللعب دورا كبيرا في التوازن و قد أثبتت جل الأدبيات التربوية و أدبيات علم النفس التربوي أن الطفل يميل إلى التفاعل مع المواقف المتحركة أكثر من ميله إلى تلك التي تنزع إلى السكون و بهذا فإن المسرح المدرسي يمكن أن يكون الأداة الأقرب إلى جعل الطفل ينذمج أكثر في الأنشطة من خلال التقليد و التعاطف و تقمص الأدوار و محاكاة الغير و الإحيائية و هي الأسس النفسية لعلاقة الطفل بالمسرح المدرسي.
و بعد هذا العرض لعلاقة المسرح بالمدرسة من خلال منطلقه الأساسي كفن أولا سوف أنتقل إلى تحديد مفهوم المسرح المدرسي مع التركيز على التعريف الذي تبنته منظمة مسرح الطفل الأمريكي ، إذ لم يتأت لها تحديد هذا التعريف إلا بعد مداولات دامت زهاء السنتين.

علاقة المسرح باللعب:

يعتبر اللعب من أهم المقومات التربوية بالنسبة للأطفال، و نشاطا مميزا لحياتهم كما أن اللعب يعتبر مدخلا وظيفيا لعالم الطفولة ووسيطا تربويا فعالا في تشكيل شخصية المتعلم في سنواته الأولى كما ان الطفل يمبز بين العمل و اللعب ارتكازا على معطيات المجتمع و هذا التمييز بين اللعب و العمل يتجلى في الحياة المدرسية حيث يكون المتعلم جادا في دراسته و رغم جديته في اللعب و انهماكه فيه فإنه لا يأخذ الأمور بمأخذ الجدية التي يكون عليها في الدراسة .

و اللعب ينبني على نزوع فطري و تلقائي لدى المتعلمين في سنوات عمرهم الأولى و يستمر متدرجا معهم ، و في انطلاقته يعتبر نشاطا ذاتيا غير هادف بمعنى أن قصدية الكبار فيه تكون غير معتبرة و لهذا يترك شانه للطفل الذي نجده يساعد على نموه الجسماني كحركة دينامية يقتضيه هذا النمو و ما يترتب عنه من آثار نفسية و معرفية للطفل.

و اللعب يرتبط ارتباطا وثيق باللعب من خلال ما نسميه باللعب الدرامي كتقنيات بيداغوجية في التدريس إذ يمكن لهذه التقنيات أن تفيد في التواصل الشفهي (التعبير الشفوي) بين التلاميذ من خلال مسرحة بعض النصوص التعبيرية.و قد كانت ميلاد فكرة اللعب الدرامي في فرنسا سنة 1941 حيث قام ستة مخرجين محترفين بتأسيس اتجاه التربية باللعب الدرامي المستمد مما قام به "ليون شانسوريل "في الالعاب الكشفية و طريقة إعداد الممثل"لستنسلافسكي".و يعتبر هذا الفنان من رواد الحياة المسرحية في القرن العشرين و بفضله فقد أدمجت هذه التجربة المتمثلة في اللعب الدرامي في جميع مجالات التربية و مختلف قطاعات دور الشباب و الثقافة و في المدارس الإبتدائية.

خصائص اللعب عند الأطفال:

اللعب عند الأطفال ضرورة أساسية في بداية حياته لارتباطه بعملية النمو سعيا نحو النضج حيث يكون نموا بيولوجيا تصاحبه مجموعة من البناءات الذهنية التي تشكل البناء المعرفي لديه انطلاقا مما هو حسي حركي حيث يكون نزوعه للعب نتيجة لعملية النمو هاته و من ثمة فإنه يتصف بمجموعة من الخصائص تميزه في كل مرحلة عمرية ، و هكذا نجد أن من أهم خاصية في لعب الأطفال هي:

1- مساهمة اللعب في عملية النمو ، حيث لم يعد تعبيرا نزوعيا عنها فقط لهذا تختلف اتجاهات اللعب حسب مراحل النمو التي يمر منها فهو يتدرج من الحركات العشوائية البسيطة بل يتطور ذكاؤه بازدياد النمو و من ثمة يتعقد لعبه بتزايد نموه العقلي و المعرفي و الجسمي و يشمل ذلك الوسائل المعتمدة في لعبه حتى يبلغ السادسة من عمره الشيء الذي يبرزمعه نمو الطفل و من خلاله نمو اهتماماته مع اتساع نمو هذه الاهتمامات و في مرحلة الطفولة المتأخرة ما بين سن 11 و 13 سنة تكون هذه المرحلة ذات أهمية مميزة لدى الطفل حيث يتحقق الاتزان الحسي الحركي الممهور بالرشاقة و القوة و الحيوية و يعتمد الطفل على توظيف أعضائه اليد الرجل الذراع في الحركة.

2- يلاحظ أن تزايد عملية النمو عند الطفل تقلل من لعبه الاجتماعي لأنه يبدأ يتعرف على ذاته و اكتشافه لها و من العوامل التي تقلل هذا الاهتمام هي ندرة الوقت لديه و تزايد انشغالاته المدرسية ، حيث يمكن لهذه الانشغالات أن ترقى بجانب نشاط اللعب الاجتماعي من خلال الأنشطة التربوية و هذا ما لمسناه في الجانب الاجتماعي للأنشطة و من هذه الملاحظة نجد كيفية اللعب في تزايد مستمر الشيء الذي يؤكد توجه الأنشطة التربوية و الاجتماعية و الثقافية بالمدرسة و نركز هنا على المسرح المدرسي ، لأن تطور نمو الطفل من الكفايات و القدرات و المعارف الشخصية تمكنه من معرفة نفسه و امتلاكها من خلال بيئته و مايحيط بها و هنا يمكن ملاحظة تزايد النضج الاجتماعي لديه حيث تنطبع ألعاب هذه المرحلة بالطابع العقلي المعرفي.

3- في أنشطة اللعب و ارتباطها نوعيا بمراحل النمو عند الطفل حتى سن المراهقة حيث يلعب دورا أساسيا في حصول نمو متزن لديه كلما كان لعبا منظما ، و عملية الاتزان هاته في النمو حتى تبلغ النضج و نجدها متمثلة في :

v القيمة البنائية : حيث يؤدي اللعب دورا أساسيا و ضروريا من الناحية الجسدية مؤثرا في بنية شخضيته كما أنه متنفس للطاقة الزائدة في تحسين المهارات خاصة الحركية و المسرح المدرسي كتعبير جسدي بنبني على الحركة و الإشارة باعتباره فنل إيمائيا يحقق هذه الغاية.
v القيمة التربوية للعب : لأنه يتجاوز كونه نشاطا حسيا حركيا في عملية تنمية الحواس بل بتعدى ذلك في وصوله لعملية التعليم حيث يتم اكتساب المعارف بشكل غير مباشر و المسرح المدرسي ذو وظيفة تربوية يحقق هذه الغاية عندما يصبح مؤطرا للعب و من خلال وضعيات بيداغوجية يتوخاه النشاط التدريسي في المسرح كدرس و الجانب التنشيطي للمسرح في حصص الأنشطة و من خلال مجالاتها.
v القيمة التعبيرية: و هذه القيمة تتجلى في مجال اللغة و الانجاز و الاتقان و استثمار المهارات الحسية الحركية مع التركيز و النظام حيث تساعد كل هذه المنجزات اللعبية على التعليم و التعلم و يقوم المسرح المدرسي بهذا لكونه أولا درسا منظما و تنشيطا باللعب و انبناء عليه مما يجعله فعلا وسيطا تربويا يحقق خبرات تربوية منظمة.

- أهداف المسرح المدرسي:
لقد حدد المؤتمر الدولي لمسرح الطفل ب لوس أنجلس سنة 1970 أهداف المسرح المدرسي فيمايلي:
- أهداف معرفية- أهداف مهارية- أهداف تعبيرية إبداعية- أهداف تواصلية – و أهداف تذوقية جمالية.كما أن الخطة الشاملة لثقافة الطفل العربي الصادرة عن المنظمة العربية للعلوم و الثقافة و التربية تتحدد نفس الأهداف و تنطلق منها و تدعو إليها و لعل المتأمل لهذه الأهداف يجدها تتقاطع مع مستجدات الأدبيات التربوية و معطيات منهجيات التدريس المتبعة وفق نماذج التدريس حيث أن ممارسة المسرح المدرسي تتطلب امتلاك مجموعة من المهارات و التقنيات و من خلالها يتم اكتساب مجموعة من السلوكات و تنمية قدرات مهارية و يمكن إجمال هذه الأهداف في المعرفية و الحسحركية و الوجدانية و لتوضيح ذلك أكثر نعطي تعريفا لكل صنف من الأصناف الثلاثة للأهداف النوعية للمسرح المدرسي
.أ- أهداف معرفية :
و تتمثل في اكتساب المتعلم من خلال ممارسته للمسرح المدرسي رصيدا لغويا يمكنه من توظيفه في عملية التعبير و تجعله يتعرف على جسده كطاقة تعبيرية خلاقة من خلال الحركة و أداء الأدوار و التحكم في ملامحه.ب- أهداف حسية حركية:بما أن المسرح المدرسي فن تعبيري بالدرجة الأولى فإنه يعتمد امتلاك مجموعة من المهارات التي يقتضي بلوغها للقيام بأعمال شخصية بناء على مواقف درامية مؤطرة بمثيرات حركية صوتية تتجلى في الإلقاء و الإنشاد و الرقص و الغناء و انسجاما مع فضاءات اللعب ( اللون- الأثاث – الديكور..)
و يمكن تحديد مجموعة الأهداف الممارسة التطبيقية التي تحقق الأهداف الحسية حركية في مايلي:
التحكم في الجسد – الإلقاء- القدرة الإلقائية- التركيز – إجادة تمثيل الأدوار.
ج- أهداف وجدانية :
و تتجلى هذه الأهداف من خلال القيم التي تتضمنها ممارسة الفعل المسرحي باعتبار المسرح قيمة ثقافية و معطى حضاري يتم في إطار مجتمع يمده ببعض القيم التي يمكن إجمالها في :التحسيس بمفهوم الوطنية- نشر القيم الإجتماعية – تنمية الجانب الجمالي و التذوق الفني.

- ديداكتيك المسرح المدرسي:
1- مفهوم الديداكتيك:
إن مفهوم الديديكتيك يتعلق بمحتويات التدريس و طرق التدريس ووسائل التدريس ، بحيث يبحث في هذه الحدود الثلاثة كعلم من حيث مكوناتها و علاقتها بالمدرسة و التلميذ و المدرس.و حسب( معجم علوم التربية ص68 ) فإن الديداكتيك هو الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتربي لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي حركي و يعطينا نفس المرجع تحديدا آخر لمفهوم الديداكتيك يتضح منه أنها علم مساعد للبيداغوجيا التي تعهد إليها بموضوعات تربوية أكثر عمومية.و في هذا السياق فالديداكتيك هي : (الدراسة العلمية لسيرورات التعليم و التعلم قصد تنظيم هذه السيرورة بكيفية يمكن معها اكتساب المفاهيم و المواقف اتجاه الذات و المحيط.)إن الديداكتيك قريب من البيداغوجيا حيث أن الديداكتيك يعتبر كبديل نظري و إجرائي قادر على تحويل الفعل البيداغوجي من إطاره التأملي ذي الفهم النظري إلى إطاره العملي التطبيقي للتجليات البيداغوجية كما هي ممارسة داخل العملية الديداكتيكية فالديداكتيك هو فن التدريس.

- المسرح المدرسي كمادة دراسية:
إن المسرح المدرسي بمفهومه التربوي يقدم كنشاط تعليمي تعلمي مما يعني أنه غاية في حد ذاته ينبني على مجموعة من القواعد و القوانين التي يستمدها من القواعد و القوانين العامة للمسرح ينبني على مجموعة من المعارف و المهارات كمحتوىو هو بذلك يرقى لمفهوم المادة الدراسية لخضوعه لعملية اختيار و انتقاء بناء على معايير بيداغوجيا كأهداف التعليم و سيكوبيداغوجيا كمرحلة نحو المتعلم و سوسيوثقافيا. وحسب تصنيف ميلاري نجد أن مادة المسرح المدرسي ترتبط بالأنشطة الأساسية التالية : الإنسان – المجتمع – الحس- الانفعال – التواصل.و يأتي تصنيفه في المواد الدراسية بالمدرسة الأساسية المغربيةحسب عمور عبد الحي في مجال اللغات و الفنون حيث يدخل في إطار وحدة التربية الفنية.كما يصنف دينو المسرح المدرسي في مجال الفنون ، علوم الزمان و المكان ، و علوم اللغة و التواصل ، و التقنيات و قواعد الحياة.
- المسرح المدرسي و بيداغوجيا الدعم التربوي :تعتبر بيداغوجيا الدعم التربوي و التقوية من الأساليب البيداغوجية لمعالجة بعض المشاكل المرتبطة بالأطفال الذين يعانون و يواجهون صعوبات ذاتية أو موضوعية بهدف إنقاذهم و تدارك الضعف الدراسي لديهم و مساعدتهم على تجاوز الصعوبات و تجنب التكرار ون الرسوب.و من خلال تعريفنا للمسرح المدرسي للمسرح المدرسي يلاحظ أنه بإمكاننا اعتماد المسرح المدرسي كمجال واضح لعلاج الظواهر الملاحظة في تعثر التلايمذ و تأخرهم الدراسي و ذلك بناء على معطيات القويم المرحلي أو الكلي كما أن المسرح المدرسي يمكنه أن يلعب هذه الأدوار الديداكتيكية من كونه وسيلة و غاية علاجية سواء على المستوى النفسي / الفردي أو النفسي الإجتماعي إذا ما اعتمدنا مبدأ لعب الأدوار المبني على تقنية الإرتجال.
نموذج للمسرح المدرسي كوحدة ديداكتيكية :جذاذات نمطية في تدريس المسرح المدرسي :الجذاذة الأولى: * المادة: المسرح المدرسي *الموضوع: تمارين التنفس *الوسائل: الحجرة الدراسية في وضع عاد. * الهدف :التحكم في التنفس و توظيفها في النطق و الإلقاء.- الانشطة و الممارسات: تعرف التلاميذ على الميكانيزم الخاص بالتنفس : الشهيق و الزفير من خلال الأنف و الفم و انقباض الرئتين حتى يصبح بالإمكان التدخل في هذا الميكانيزم للسيطرة بشكل معتمد على الإيقاع و المدة.- التمرينات :زفير قوي من فم نصف مفتوح ، انحناءة أمامية للجسم و الرأس ، الذراعان ممدودتان.- شهيق قوي من الأنف و الذراعان مفتوحتان و الجسم مفتوحتان و الجسم منتصب ، حبس الأنفاس لمدة ثوان .-تطبيق و تقويم:ألعاب الكلمات المتشابهة ، بنفس عميق من الأنف و بعده مباشرة يردد التلاميذ بسرعة بعض الجمل مثل : ( طبق طبقنا في طبق طبقكم)- ( طرق طارق بابا مطروقا بالمطرقة). الجذاذة الثانية: * المادة : المسرح المدرسي* الموضوع : الاسترخاء و التركيز * الوسائل : حجرة الدرس – التلاميذ – الحكي . *الهدف: إدراك العلاقة بين التنفس و بين الاسترخاء و الراحة و التركيز. التمرينات:يستلقي التلايمذ على الظهر في استرخاء تام و يسدلون أذرعهم بتواز مع أجسادهم الممتدة و راحة اليد على الأرض ، يغمضون عيونهم. في البداية يدعوهم المعلم أن ينصتوا إلى الأصوات التي تأتيهم من خارج المكان الموجودين فيه ، ثم إلى تلك الأصوات التي تصدر من داخله لينتهوا إلى تلك التي تصدر من داخل أجسادهم خاصة الأصوات المتعلقة بالتنفس. يقوم المعلم بتوجيه التلاميذ حاكيا لهم مثلا النص التالي: (في بداية العالم كان كل شيء صامتا و مظلما ، كل شيء كان عميقا ، البر و البحر ، الغابات و الأنهار ، الصخور ، كل شيء كان يستريح ) اتركوا أنفسكم أشعروا بأجسامكم الثقيلة على الأرض كما لو كنت ماردا نائما (عملاق كبير نائم)،الآن يمكن سماع أنفسكم. و يمكن قبا هذا القيام ببعض التمرينات.خاتمة:تعتبرانشطة اتعبير اللغوي من الوحدات الأساسية في تعليم اللغة لتلاميذ المستويات الأولى من التعليم الاساسي ، فالتعيبر هو الغاية التي تسعى إليها باقي الانشطة اللغوية قصد تمكين التلاميذ من اكتساب المهارات اللازمة للتواصل و التفاعل مع الآخرين و بالتلي يتمكن من التعبير عن نفسه و عما يحيط به و لهذا الغرض فإن المسرح الإرتجالي هو بمثابة النشاط الأنسب لتحقيق هذا الأهداف من خلال وضعيات تعليمية يكتسب فيها التلاميذ المهارات اللغوية و يلبون حاجاتهم إلى اللعب و محاكاة الأدوار و من هذا المنطلق يمكن اعتماد تقنيى مسرحة بعض النصوص التعبيرية من أجل تحقيقي الاهداف التي تجعل من المتعلم ينمي ملكاته اللغوية التعبيرية و كذا تنمية ثقته بنفسه و حفزه بالتلي على الإبداع و التذوق الفني و الجمالي .

» فوائد المسرح المدرسي و أهميته
» المسرح المدرسي ..تعريفه..أهميته..مصادره..ومقوماته الفكرية والجمالية .
» ديداكتيك التربية والتعليم