كانت القاعات السينمائية والمسارح التي فاق عدد في بداية الثمانينات من
القرن الماضي بوسط المدينة وحدها ست قاعات سينمائية وخمس مسارح وكانت هذه
الفضاءات تستقبل المئات من التطوانيين في ساعات كانوا يلبون فيها نداء
داخليا يتردد اسمه حب السينما، كل يوم يجسد مناسبة للمسؤولين عن الشبابيك
لاستقبال وجوه مختلفة يكتشف في قسماتها وضعيتهم وانتماؤهم الاجتماعي،
تقاسموا في زمن جميل من زمن السينما في المغرب حرارة الفضاء رغم بساطة
التجهيزات. وبعيدا عن المشاكل الطارئة والمستساغة في ذلك الزمن، كان هناك
ود متواصل بين المشاهد التطاوني وقاعاته السينمائية التي يجد فيها البعض
حضنا وفيا يصعب فراقه.كانت تلك ذكريات من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، صارت اليوم نسيا منسيا وصار لواقعها صور أخرى.
قاعات تحولت إلى أطلال ومسارح أقبرت
مسرح إسابيل II
يعتبر هذا المسرح أول بناية مسرحية شيدت
بالمغرب في سنة 1860 م وهي السنة التي شهدت الاجتياح الأول للجيش الاسباني
لمدينة تطوان ، وكان المهندس العسكري “LOPEZ CAMARA ” ضمن الجيش الاسباني
الذي اجتاح مدينة تطوان ليشرف بنفسه على تشييد أول واكبر بناية مسرحية
بالمغرب مصنوعة من الخشب وكان يتواجد هذا المسرح في ” الفدان” ساحة المشوار
حاليا وزنقة الطرافين وسوق الحوت القديم وكان يتسع لحوالي 1882 متفرج ويضم
16 مقصورة و287 متكئة ” مقعد” و146 مقعد أماميا مصنفة كدرجة أولى و190
كدرجة ثانية فتتبع (لوبيز كامارا) كل مراحل البناء والتجهيز وأطلق عليه اسم
“مسرح إسبابيل II “
مسرح باهية
كان هو أيضا مسرح خشبي وعاري وكان يتواجد في ساحة الفدان وعانى عدد من
المشاكل وخاصة في فصل الشتاء وفي سنة 1970 سيغلق بشكل نهائي وسيتحول إلى
موقف عمومي للسيارات بحكم الوعاء العقاري الذي كان فوقه والذي كان تابعا
للجماعة الحضرية لتطوان وأثناء تهيئة ساحة القصر الملكي بتطوان سيتم حذفه
بشكل نهائي . وكان يديره آنذاك الاسباني ” فرناندو كونتريراس” وكان هو نفسه
مالك مسرح إسبانيول حينها . وتنصب اليوم بمناسبة افتتاح مهرجان سينما
بلدان البحر الأبيض المتوسط شاشة تنقل كلمات وتدخلات حفل افتتاح المهرجان
.
مسرح الملكة فيكتوريا أو المسرح الوطني
بحي المصلى القديمة بتطوان و بالقرب من
أحد أشهر الأبواب السبعة لمدينة تطوان (باب الرموز) والتي يسميها الاسبان ب
” باب القمر الصغير LUNITA ” يوجد مسرح الملكة فيكتوريا الشهير . ويذكر
الباحث الاسباني (انطونيو راموس اسبنوسا) في كتابه (الجواهر السوداء) أن
إطلاق اسم الملكة فكتوريا على هذا المسرح جاء عمل بوصية الملكة إليزابيث
بضرورة رفع الصليب على ارض إفريقيا . وبعد 54 سنة على تشييده ومع إندلاع
الحرب الأهلية باسبانيا وفي سنة 1914 سيتم تغير اسم الملكة فيكتوريا ب (
المسرح الوطني) اومسرح المصلى كما يطيب لأهل تطوان أن يسموه . و يوجد هذا
المسرح فوق ارض للأحباس ( أولاد اللبادي) وتبلغ مساحته 1053 متر مربع
ويتكون من تحت أرضي 84 متر مربع وطابق ارضي 407 متر مربع ثم طابق أول 280
متر مربع وطابق ثاني بنفس مساحة الأول ، وتبلغ طاقته الاستيعابية ب 850
مقعدا ..ويعد هذا المسرح إلى جانب مسرح (سيرفانتس) بطنجة من أقدم البنايات
المسرحية المشيدة والقائمة إلى يومنا هذا بالمغرب ، وعرف هذا المسرح حركة
لافتة تجلت في زيارة العشرات من الفرق المسرحية العالمية الكبيرة وفي
مقدمتها (جوق النهضة العربية المصرية) للشيخ محمد عز الدين التي قدمت على
خشبته في 4 غشت 1923 مسرحيتها الشهيرة (الخليفة هارون الرشيد مع خليفة
الصياد) وسيغلق هذا المسرح أبوابه بشكل نهائي في منتصف الثمانينات من
القرن 20 بسبب قرار تقليص عدد القاعات السينمائية بالمغرب .وفي 14 ماي 2005
بمناسبة اليوم الوطني للمسرح نظم مجموعة من النشطاء وبعض رموز المسرح
مسيرة في اتجاهه ووقعت عريضة ب3000 توقيع للمطالبة بإنقاذه .فهل يسترجع هذا
المسرح ذاكرته وكيانه ؟
مسرح إيديال
كان هو الآخر مسرح صيفي عاري وكان مختصا
في الأفلام الاسبانية وكان غالبية رواده من الاسبان اللذين كانوا يقطنون
بحي ” بابيونيس ” المتواجد بشارع الزرقطوني والذي تسكنه حتى اليوم الجالية
الاسبانية بتطوان ، وكان يتسع مسرح إيديال إلى حوالي 500 متفرج وكان يعمل
ثلاثة أشهر في السنة فقط، وتحول اليوم إلى مرآب عمومي للسيارات وتعود
ملكيتة الى أحد رجال الأعمال بتطوان ” الطيب الولانتي “
سينما فيكتوريا
شيدت سينما فكتوريا بحي “مالقا” سابقا
“الباريو” حاليا وبناها يهودي يدعى ” إسحاق ميناسي ” سنة 1945 ويعتبر حي
الباريو أول بني بضاحية الحي الاسباني بتطوان لجلب الهجرة القوية التي
ولدها الاسباني بالمدينة و كان يدخلها الجنود العسكريون الإسبان أيام
الاستعمار ورغم حجمها المتواضع وخضوعها للإصلاح وبشكل براق جعلها تتميز عن
غيرها من القاعات الأخرى في مرافقها الخاصة ، وتعتبر الهندسة المعمارية
لسينما فيكتوريا أحسن فترة إبداعية للمهندس الاسباني الشهير ” كارلوس
أفيلو” جعلها تسمو بقدرته الإيحائية وتساير النزعة الحالية لاسترجاع
الذاكرة التاريخية للعصر الذهبي للسينما بتطوان . وفي سنة 1974 انتقلت
ملكيتها من الربي اليهودي ” إسحاق بن عطار” الى احد أعيان تطوان وتجارها
ويدعى ” اللبادي” ويذكر مردوخ السينما بتطوان ” الحاج بوديح” الذي سيكتري
هذه السينما سنة 1980 من مالكها ب 16 مليون سنتيم أن باشا المدينة ”
أعبابو” قام سنة 1976 بدورية الى هذه القاعة إسوة بغيرها من القاعات
السينمائية بالمدينة وقرر إغلاقها وأمر بإصلاح مراحيضها ونظام الإنارة بها .
وفي سنة 2007 سيتم إغلاقها وبشكل نهائي بعدما أصبحت حالتها مقلقة خاصة
أنها تقع في حي شعبي يعرف كثافة سكانية وأصبحت معروضة للبيع للخواص قصد
تحويلها إلى مجمع سكني.
سينما المنصور
على بعد أمتار قليلة جدا من باب العقلة
بشارع المفضل أفيلال أو ” la porta des rayna ” كما كان يسميها الاسبان
ويعود تشيده الى سنة 1945 الى أحد أبناء أسرة تطوانية عريقة يدعى ” زيوزيو
غيلان ” وكان يبلغ طولها حوالي 40 متر وعرضها 11 متر وشيدت على هذا النحو
لظروف خاصة بحيث أن صاحب القطعة الأرضية التي كانت مجاورة لها رفع بيع
قطعته وكان مالك تلك القطعة هو صاحب أشهر فندق في تاريخ تطوان ” فندق درسة ”
وجاءت تسميتها بسينما المنصور كتحدي لسينما فيكتوريا والتي تعني الانتصار
. وتعتبر سينما المنصور أول من قام بعرض الفلم المصري وكانت مختصة في عرضه
وأكتوبر 1975 تم توقيف الفلم المصري بها بشكل نهائي بسبب حرب 75 وغيرت
وجهتها نحو الأفلام الهندية والاسبانية والفرنسية وفي 1977 سيتم إغلاقها
وبشكل نهائي من طرف الوراثة وتم بيعها وأقيمت فوقها عمارة سكنية ولا تزال
تستعمل الى اليوم كمرآب للسيارات .
سينما ميسيون كاطوليكا
سينما ميسيون أو سينما المسيحية هكذا كانت
تعرف في مدينة تطوان مند أواسط السبعينات من القرن الماضي وبناها يهودي
يدعى ” إسحاق ميناسي” وكانت تابعة للكنيسة الكاثوليكية التي تتواجد بساحة
مولاي المهدي بوسط المدينة وتبلغ مساحتها 350 متر مربع وتتسع لـ 250 مقعد
وكانت متخصصة في الأفلام الوثائقية الخاصة بالمسيحية وكانت توجه أفلامها
هاته فقط للأطفال الأقل من 16 سنة ، ولا يعرف تاريخ إغلاقها بالتحديد ولا
أسباب الإغلاق وتضرب الكنيسة الكاثوليكية بتطوان حراسة شديدة على أرشيفها
الخاص والمتواجد بداخل الكنيسة وفي 20/10/1988 تم بيعها لشركة وفابنك سابقا
التجاري وفابنك حاليا بقيمة مالية تجاوزت المليار و300 مليون سنتيم .
قاعات ومسارح تصارع من أجل البقاء
مسرح إسبانيول أو مسرح ابن العربي الطر يس
يقع بالقرب من ساحة المشوار
واجهته تشكل حاجز مرئيا للجناح الغربي للساحة شيد في عقد الثلاثينات من
القرن الماضي ويضم مسرحا وقاعة سينمائية لا زالت قائمة الى اليوم وهو معالج
من حيث التركيب حسب مبادئ العقلانية وأسلوبه متأثر بنفحات محلية ورغم
تواضع واجهته فهو يحتوي على عناصر هندسية عربية الأصل كسيطرة ” المملوء
والمغلق” على ” الفارغ المفتوح ” ينتسب تشييده الى المهندس الاسباني ”
كارلوس أوفيليو” ويعتقد أن ” الفونسو ذي سيرا ” قام بإصلاحه ، وتعود تسميته
بمسرح إسبانيول الى كونه ملتصقا بالمعهد الاسباني ” سيرفانتيس ” وشيد مسرح
إسبانيول مساحة 1000 متر مربع ويحتوي على 3 طبقات ويتسع لـ 1000 مقعد ،
تختلف من حيث التصنيف بحيث يحتوي على 100 مقعد في جناح “الكلوب” و400 في
مايسمى “بوتاكا” و500 مقعد ” برنسيبال ” ويحتوي على أربعة شرفات ”
balcon” وهي محلات تكون محجوزة داخل القاعة . ويحتضن مسرح إسبانيول 4
مهرجانات سنوية وهي مهرجان سينما بلدان البحر الأبيض المتوسط ” الافتتاح
والاختتام ” ومهرجان العود ومهرجان المسرع الأدبي والأسبوع الثقافي
الاسباني . ويبقى أبرز حدث احتضنه المسرح هو سهرة للسيدة “أم كلثوم” و”
لولا فلوريث ” و” أنطونيو مولينا “
سينما مونيمنطال
على بعد أمتار قليلة من مسرح إسبانيول
تتواجد سينما مونيمنطال والتي تعني ” تكبير وتعظيم لمقر البناية التي
تتواجد بها ” بنيت سنة 1943 وشيدها ” داميان سالاس كفارون ” مساحتها 900
متر مربع وتتسع لـ 950 مقعد ولها واجهتان ” شارع محمد الطريس والمقاومة ”
وهي بناية ضعيفة بالمقارنة مع باقي القاعات وتعمد مالكها تركها على حالها
حتى تكون في قدرة الجمهور وعرفت إصلاحات في أواخر سنة 2008 وهي مختصة في
الأفلام الهندية والسهرات الغنائية والمهرجانات الخطابية وكذا تنظيم عدد من
اللقاءات والمباريات الرياضية المتعلقة برفع الأثقال وتبقى أهم سهرة
احتضنتها القاعة هي التي أحياها الفنان السعودي محمد عبدوا .
سينما أفيندا
“أفينيدا ” أو الشارع
الكبير ذلك هو اسم هذه التحفة المعمارية التي قل نظيرها بالمغرب مساحتها
1100 متر مربع بنيت سنة 1948 شيدت من طرف ” خوسي بودرا ” وكان بائع للماء
بشوارع تطوان قبل الحرب الأهلية الاسبانية ثم ناقل للركاب بواسطة عربة
مجرورة وهو الذي سيؤسس الخطوط الوطنية المغربية” la balenciana ” والتي
ستتحول فيما بعد الى شركة ” ستيام ” وهو مؤسس المركب السياحي ”
كابيلا وتحولت ملكيتها سنة 1974 الى ” الحاج بوديح ” وهو مالكها الحالي
وتتسع أفينيدا الى ما يزيد عن 1100 مقعد موزعة على النحو التالي : ” كلوب
70 مقعدا” ” بوتاكا وتعني مقعد مريح 450 مقعد” و” برنسيبال 480 مقعد”
وتحتوي على شرفتين ” balcon ” الأول كان مخصص لممثل السلطة الاسبانية في
عهد الحماية والأخر لممثل السلطة المغربية ، وتم إصلاحها بشكل جذري
وتجهيزها بأحدث التقنيات السمعية البصرية سنة 1997 وتتواجد بمدينة العرائش
قاعة سينمائية واحدة تحمل نفس الاسم ، فيما تتواجد باسبانيا 20 قاعة تحمل
نفس الاسم .وتحتضن أفينيدا المسابقة الرسمية لأفلام مهرجان تطوان السينمائي
وأسبوع الفيلم الأوروبي ويبقى أبرز حدث شهدتها أفينيدا هو الجمع العام
التأسيسي لحزب الاتحاد الدستوري برئاسة المعطي بوعبيد يوم كان وزيرا أول .